الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: القول المفيد على كتاب التوحيد **
* مناسبة الباب لما قبله: لما ذكر رحمه الله الاستعاذة والاستغاثة بغير الله - عز وجل -، ذكر البراهين الدالة على بطلان عبادة ما سوى الله، ولهذا جعل الترجمة لهذا الباب نفس الدليل، وذكر رحمه الله ثلاث آيات: * * * * الآية الأولى والثانية قوله: {أيشركون}، الاستفهام للإنكار والتوبيخ، أي: يشركونه مع الله. قوله: والمناسبة ظاهرة، لأن الداعين هناك نزلوهم منزلة العاقل، أما هنا، فالمدعو جماد، لأن الذي لا يخلق شيئًا ولا يصنعه جماد لا يفيد. قوله: {شيئًا}، نكرة في سياق النفي، فتفيد العموم. قوله: {وهم يخلقون}، وصف هذه الأصنام بالعجز والنقص. والرب المعبود لا يمكن أن يكون مخلوقًا، بل هو الخالق، فلا يجوز عليه الحدوث ولا الفناء. والمخلوق: حادث، والحادث يجوز عليه العدم، لأن ما جاز انعدامه أولًا، جاز عقلًا انعدامه آخرًا. فكيف يعبد هؤلاء من دون الله، إذ المخلوق هو بنفسه مفتقر إلى خالقه وهو حادث بعد أن لم يكن، فهو ناقص في إيجاده وبقائه؟! * إشكال وجوابه: قوله: أجيب: بأن قوله: وقوله: {وهم يخلقون} عاد الضمير على {ما} باعتبار المعنى، كقوله: قوله: والنصر: الدفع عن المخذول بحيث ينتصر على عدوه. قوله: أي: زيادة على ذلك هم عاجزون عن الانتصار لأنفسهم، فكيف ينصرون غيرهم؟! فبين الله عجز هذه الأصنام، وأنها لا تصلح أن تكون معبودة من أربعة وجوه، هي: 1- أنها لا تخلق، ومن لا يخلق لا يستحق أن يعبد. 2- أنهم مخلوقون من العدم، فهم مفتقرون إلى غيرهم ابتداءً ودوامًا. 3- أنهم لا يستطيعون نصر الداعين لهم، وقوله: {لا يستطيعون} أبلغ من قوله: "لا ينصرونهم"، لأنه لو قال: "لا ينصرونهم"، فقد يقول قائل: لكنهم يستطيعون، لكن لما قال: 4- أنهم لا يستطيعون نصر أنفسهم. * * * وقوله: * الآية الثالثة قوله: يشمل دعاء المسألة، ودعاء العبادة، و{من دونه}، أي: سوى الله. قوله: وقوله: {من قطمير}، القطمير: سلب نواة التمرة. وفي النواة ثلاثة أشياء ذكرها الله في القرآن لبيان حقارة الشيء. القطمير: وهو اللفافة الرقيقة التي على النواة. الفتيل: وهو سلك يكون في الشق الذي في النواة. النقير: وهي النقرة التي تكون على ظهر النواة. فهؤلاء لا يملكون من قطمير، فإن قيل: أليس الإنسان يملك النخل كله كاملًا؟ أجيب: إنه يملكه، ولكنه ملك ناقص ليس حقيقيًا، فلا يتصرف فيه إلا على حسب ما جاء به الشرع، فلا يملك مثلًا إحراقه للنهي عن إضاعة المال. قوله: {إن تدعوهم}، جملة شرطية، تدعو: فعل الشرط مجزوم بحذف النون، والواو فاعل، وأصلها: تدعونهم. قوله: قوله: فإذا كانت كذلك، فأي شيء يدعو إلى أن تدعى من دون الله؟! بل هذا سفه، قال تعالى: قوله: فهؤلاء المعبودون إن كانوا يبعثون ويحشرون، فكفرهم بشركهم ظاهر كمن يعبد عزيزًا والمسيح. وإن كانوا أحجارًا وأشجارًا ونحوها، فيحتمل أن يشملها ظاهر الآية، وهو أن الله يأتي بهذه الأحجار ونحوها، فتكفر بشرك من يشرك بها، ويؤيده قوله تعالى: قوله: والخبير: العالم ببواطن الأمور. * مسألة: هل يسمع الأموات السلام ويردونه على من سلم عليهم؟ اختلف في ذلك على قولين: القول الأول: أن الأموات لا يسمعون السلام، وأن قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين زيارة القبور: (السلام عليكم) دعاء لا يقصد به المخاطبة، ثم على فرض أنهم يسمعون كما جاء الحديث الذي صححه ابن عبد البر وأقره ابن القيم: )بأن الإنسان إذا سلم على شخص يعرفه في الدنيا رد الله عليه روحه فرد السلام( ، وعلى تقدير صحة هذا الحديث إذا كانوا يسمعون السلام ويردونه، فلا يلزم أن يسمعوا كل شيء، ثم لو فرض أنهم يسمعون غير السلام، فإن الله صرح بأن المدعوين من دون الله لا يسمعون دعاء من يدعونهم، فلا يمكن أن نقول: إنهم يسمعون دعاء من يدعون، لأن هذا كفر بالقرآن، فتبين هذا أنه لا تعارض بين قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: وأما قوله: {ولو سمعوا}، فمعناه، لو سمعوا فرضًا ما استجابوا لكم، لأنهم لا يستطيعون. القول الثاني: أن الأموات يسمعون. واستدلوا على ذلك بالخطاب الواقع في سلام الزائر لهم بالمقبرة. وبما ثبت في "الصحيح" من أن المشيعين إذا انصرفوا سمع المشيع قرع نعالهم. والجواب عن هذين الدليلين: أما الأول، فإنه لا يلزم من السلام عليهم أن يسمعوا، ولهذا كان المسلمون يسلمون على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حياته في التشهد، وهو لا يسمعهم قطعًا. أما الثاني، فهو وارد في وقت خاص، وهو انصراف المشيعين بعد الدفن، وعلى كل، فالقولان متكافئان، والله أعلم بالحال. * * *
وفي الصحيح، عن أنسٍ قال: شج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم أحد، وكسرت رباعيته، فقال: قوله: "وفي الصحيح"، سبق الكلام على مثل هذا التعبير. قوله: "أحد"، جبل معروف شمالي المدينة، ولا يقال: المنورة، لأن كل بلد دخله الإسلام فهو منور بالإسلام، ولأن ذلك لم يكن معروفًا عند السلف، وكذلك جاء اسمها في القرآن بالمدينة فقط، لكن لو قيل: المدنية النبوية لحاجة تمييزها، فلا بأس، وهذا الجبل حصلت فيه وقعة في السنة الثالثة من الهجرة في شوال هزم فيها المسلمون بسبب ما حصل منهم من مخالفة أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما أشار الله إلى ذلك بقوله: وقد حصلت هزيمة المسلمين لمعصية واحدة، ونحن الآن نريد الانتصار والمعاصي كثيرة عندنا، ولهذا لا يمكن أن نفرح بنصرٍ ما دمنا على هذه الحال، إلا أن يرفق الله بنا ويصلحنا جميعًا. فوله: "شج"، الشجة: الجرح في الرأس والوجه خاصة. قوله: "وكسرت رباعيته"، السنان المتوسطان يسميان ثنايا، وما يليهما يسميان رباعيتين. قوله فقال كيف يفلح قوم شجوا نبيهم صلى الله عليه وسلم قوله (يُفلح) من الفلاح وهو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب. قوله: "فنزلت: و{شيء}: نكرة في سياق النفي، فتعم. قوله: {الأمر}، أي: الشأن، والمراد: شأن الخلق، فشأن الخلق إلى خالقهم، حتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس له فيهم شيء. ففي الآية خطاب للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد شج وجهه، وكسرت رباعيته، ومع ذلك ما عذره الله - سبحانه - في كلمة واحدة: ونستفيد من هذا الحديث أنه يجب الحذر من إطلاق اللسان فيما إذا رأى الإنسان مبتلى بالمعاصي، فلا نستبعد رحمة الله منه، فإن الله تعالى قد يتوب عليه. فهؤلاء الذين شجوا نبيهم لما استبعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلاحهم، قيل له: والرجل المطيع الذي يمر بالعاصي من بني إسرائيل ويقول: وما دام الإنسان لم يمت، فكل شيء ممكن، كما أن المسلم - نسأل الله الحماية - قد يزيغ قلبه لما كان فيه من سريرة فاسدة. فالمهم أن هذا الحديث يجب أن يتخذ عبرة للمعتبر في أنك لا تستبعد رحمة الله من أي إنسان كان عاصيًا. قوله: "فنزلت"، الفاء للسببية، وعليه، فيكون سبب نزول هذه الآية هذا الكلام: * * * وفيه: عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول - إذا رفع رأسه من الركون في الركعة الأخيرة من الفجر - : * * * وفي رواية يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث ابن هشام، فنزلت: قوله: "وفيه"، أي الصحيح. قوله: قوله: و"فلانًا وفلانًا": بينه من الرواية الثانية أنهم: صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام. قوله: قوله: (فأنزل الله: وقد أسلم هؤلاء الثلاثة وحسن إسلامهم رضي الله عنهم، فتأمل الآن أن العداوة قد تنقلب ولاية، لان القلوب بيد الله - سبحانه وتعالى - ولو أن الأمر كان على ظن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبقي هؤلاء على الكفر حتى الموت، إذ لو قبلت الدعوة عليهم، وطردوا عن الرحمة، لم يبق إلا العذاب. ولكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس له من الأمر شيء، فالأمر كله لله، ولهذا هدى الله هؤلاء القوم، وصاروا من أولياء الله الذابين عن دينه، بعد أن كانوا من أعداء الله القائمين ضده، ولله - سبحانه - يمن على من يشاء من عباده. وليس بعيدًا من ذلك قصة أصيرم بن عبد الأشهل الأنصاري، حيث كان معروفًا بالعداوة لما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما جاءت وقعة أحد ألقى الله الإسلام في قلبه دون أن يعلم به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو أحد من قومه، وخرج للجهاد وقتل شهيدًا، فلما انتهت المعركة جعل الناس يتفقدون قتلاهم، فإذا هو في آخر رمق، فقالوا: ما جاء بك يا فلان؟ أحدب على قومك، أم رغبة في الإسلام؟ قال: بل رغبة في الإسلام، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فأخبروا عني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فأخبروه، فقال: * * * وفيه: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قام فينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين أنزل عليه: قوله: "قام"، أي: خطيبًا. قوله: "أنزل عليه"، أي: أنزل عليه بواسطة جبريل: {وأنذر عشيرتك} [الشعراء: 214]. قوله: {أنذر}، أي: حذر وخوف، والإنذار: الإعلام المقرون بتخويف. قوله: {عشيرتك}، العشيرة: قبيلة الرجل من الجد الرابع فما دون. قوله: {الأقربين}، أي: الأقرب فالأقرب، فأول من يدخل في عشيرة الرجل أولاده، ثم آباؤه، ثم إخواته، ثم أعمامه، وهكذا. ويؤخذ من هذا أن الأقرب فالأقرب أولى بالإنذار، لأن الحكم المعلق على وصف يقوى بقوة هذا الوصف، وذلك أن الوصف الموجب للحكم كلما كان أظهر وأبين، كان الحكم فيه أظهر وأبين. وقوله: (حين أنزل عليه) يفيد أنه لم يتأخر ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل قام، فقال: (يا معشر قريش!)، أي: يا جماعة قريش. وقريش: هو فهر بن النضر بن مالك، أحد أجداد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ. قوله: (أو كلمة نحوها)، أي: أو قال كلمة نحوها، أي شبهها، وهذا من احتراز الرواة أنهم إذا شكوا أدنى شك قالوا: أو كما قال، أو كلمة نحوها، وما أشبه ذلك! وعليه فـ"أو": للشك والتردد. قوله: (اشتروا أنفسكم)، أي: أنقذوها، لأن المشتري نفسه كأنه أنقذها من هلاك، والمشتري راغب، ولهذا عبر بالاشتراء كأنه يقول: اشتروا أنفسكم راغبين. وفي قوله: (اشتروا أنفسكم) من الحض على هذا الأمر ما هو ظاهر، لأن المشتري يكون راغبًا. قوله: قوله: "شيئًا"، نكرة في سياق النفي، فتعم أي شيء. قوله: فإن قيل: كيف يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: عبد المطلب مع أنه لا يجوز أن يضاف عبد إلا إلى الله - عز وجل ـ؟ فالجواب: إن هذا ليس إنشاء، بل هو خبر، فاسمه عبد المطلب، ولم يسمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكن اشتهر بعبد المطلب، ولهذا انتمى إليه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: فلو فرض أن لك أبًا يسمى عبد المطلب، أو عبد العزى، فإنك تنتسب إليه، ولا يعد هذا إقرارًا، ولكنه خبر عن أمر واقع، كما لو قلت: كفر فلان، نافق فلان، وما أشبه ذلك، ولكن إذا كان موجودًا غيرنا اسمه إذا كان لا يجوز. قوله: قوله: قوله: فهذا كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأقاربه الأقربين: عمه، وعمته، وابنته، فما بالك بمن هم أبعد؟! فعدم إغنائه عنهم شيئًا من باب أولى، فهؤلاء الذين يتعلقون بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويلوذون به ويستجيرون به الموجودون في هذا الزمن وقبله قد غرهم الشيطان واجتالهم عن طريق الحق، لأنهم تعلقوا بما ليس بمتعلق، إذ الذي ينفع بالنسبة للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الإيمان به واتباعه. أما دعاؤه والتعلق به ورجاؤه فيما يؤمل، وخشيته فيما يخاف منه، فهذا شرك بالله، وهو مما يبعد عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن النجاة من عذاب الله. ففي الحديث امتثال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمر ربه في قوله تعالى: وإذا كان القرب من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يغني عن القريب شيئًا، دل ذلك على منع التوسل بجاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن جاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا ينتفع به إلا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولهذا كان أصح قولي أهل العلم تحريم التوسل بجاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. * * * * فيه مسائل: الأولى: تفسير الآيتين. الثانية: قصة أحد. الثالثة: قنوت سيد المرسلين وخلفه سادات الأولياء يؤمنون في الصلاة. فيه مسائل: * الأولى: تفسير الآيتين، وهما آيتا الأعراف، وسبق ذلك في أول الباب، والاستفهام فيهما للتوبيخ والإنكار، وكذلك سبق تفسير الآية الثالثة آية فاطر. * الثانية: قصة أحد، يعني: حيث شج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ... الحديث. * الثالثة: قنوت سيد المرسلين... إلخ، أراد المؤلف بهذه المسألة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيد المرسلين، وأصحابه سادت الأولياء، ومع هذا ما أنقذوا أنفسهم، فكيف ينقذون غيرهم؟ وليس مراده رحمه الله مجرد إثبات القنوت والتأمين عليه، ولهذا جاءت العبارات بسيد وسادات، فلا أحد من هذه الأمة أقرب إلى الله من الرسول وأصحابه، ومع ذلك يلجئون إلى الله - سبحانه - في كشف الكربات، ومن كانت هذه حاله، فكيف يمكن أن يلجأ إليه في كشف الكربات؟ فليس مراد المؤلف إثبات مسألة فقهية. * * * الرابعة: أن المدعو عليهم كفار. * الرابعة: أن المدعو عليهم كفار، تؤخذ من قوله تعالى: وهذه المسألة - أي أن المدعو عليهم كفار - ترمي إلى أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإن كان يرى أنه دعا عليهم بحق، فقد قطع الله - سبحانه وتعالى - أن يكون له من الأمر شيء لأنه قد يقول قائل: إذا كانوا كفارًا، أليس يملك الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يدعو عليهم؟. نقول: حتى في هذه الحال لا يملك من أمرهم شيئًا، هذا وجه قول المؤلف أن المدعو عليهم كفار، وليس مراده الإعلام بكفرهم، لأن هذا معلوم لا يستحق أن يعنون له، بل المراد في هذه الحال الذي كان هؤلاء كفارًا لم يملك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئًا بالنسبة إليهم. * * * الخامسة: أنهم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار، منها: شجهم نبيهم، وحرصهم على قتله، ومنها التمثيل بالقتلى مع أنهم بنو عمهم. السادسة: أنزل الله عليه في ذلك: * الخامسة: أنهم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار، أي: إنهم مع كفرهم كانوا معتدين، ومع ذلك قيل له في حقهم: * السادسة: أنزل الله عليه في ذلك: * السابعة: قوله: * * * الثامنة: القنوت في النوازل. * الثامنة: القنوت في النوازل، وهذه هي المسألة الفقهية، فإذا نزل بالمسلمين نازلة، فإنه ينبغي أن يدعى لهم حتى تنكشف. وهذا القنوت مشروع في كل الصلوات، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه أحمد وغيره ، إلا أن الفقهاء رحمهم الله استثنوا الطاعون، وقالوا: لا يقنت له لعدم ورود ذلك، وقد وقع في عهد عمر رضي الله عنه ولم يقنت، ولأنه شهادة، فلا ينبغي الدعاء برفع سبب الشهادة. وظاهر السنة أن القنوت إنما يشرع في النوازل التي تكون من غير الله، مثل: إيذاء المسلمين والتضييق عليهم، أما ما كان من فعل الله، فإنه يشرع له ما جاءت به السنة، مثل الكسوف، فيشرع له صلاة الكسوف، والزلازل شرع لها صلاة الكسوف كما فعل ابن عباس رضي الله عنهما، وقال: هذه صلاة الآيات، والجدب يشرع له الاستسقاء، وهكذا. وما علمت لساعتي هذه أن القنوت شرع لأمر نزل من الله، بل يدعى له بالأدعية الواردة الخاصة، لكن إذا ضيق على المسلمين وأوذوا وما أشبه ذلك، فإنه يقنت اتباعًا للسنة في هذا الأمر. ثم من الذي يقنت، الإمام الأعظم، أو إمام كل مسجد، أو كل مصل؟ المذهب: أن الذي يقنت هو الإمام الأعظم فقط الذي هو الرئيس الأعلى للدولة. وقيل: يقنت كل إمام مسجد. وقيل: يقنت كل مصل، وهو الصحيح، لعموم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: * * * التاسعة: تسمية المدعو عليهم في الصلاة بأسمائهم وأسماء آبائهم. * التاسعة: تسمية المدعو عليهم في الصلاة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وهم: صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، فسماهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، لكن هل هذا مشروع أو جائز؟ الجواب: هذا جائز، وعليه، فإذا كان في تسمية المدعو عليهم مصلحة، كانت التسمية أولى، ولو دعا إنسان لأناس معينين في الصلاة جاز، لأنه لا يعد من كلام الناس، بل هو دعاء، والدعاء مخاطبة الله تعالى، ولا يدخل في عموم قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: مسألة: هل الذي نهي عنه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدعاء أو لعن المعينين؟ الجواب: المنهي عنه هو لعن الكفار في الدعاء على وجه التعيين، أما لعنهم عمومًا، فلا بأس به، وقد ثبت عن أبي هريرة أنه كان يقنت ويلعن الكفرة عمومًا، ولفط ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: أما الدعاء بالهلاك لعموم الكفار، فإنه محل نظر، ولهذا لم يدع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على قريش بالهلاك، بل قال: فالمهم أن الدعاء بالهلاك لجميع الكفار عندي تردد فيه. وقد يستدل بدعاء خبيب حيث قال: ولن الأمر وقع كما دعا، فإنه ما بقي منهم أحد على رأس الحول، ولم ينكر الله تعالى ذلك، ولا أنكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل إن إجابة الله دعاءه يدل على رضاه به وإقراره عليه. فهذا قد يستدل به على جواز الدعاء على الكفار بالهلاك، لكن يحتاج أن ينظر في القصة، فقد يكون لها أسباب خاصة لا تتأتى في كل شيء. ثم إن خبيبًا دعا بالهلاك لفئة محصورة من الكفار لا لجميع الكفار. وفيه أيضًا إن صح الحديث: دعاؤه على عتبة بن أبي لهب: * * * العاشرة: لعن المعين في القنوت. الحادية عشرة: قصته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما أنزل عليه: * العاشرة: لعن المعين في القنوت، هذا غريب، فإن أراد المؤلف رحمه الله أن هذا أمر وقع، ثم نهي عنه، فلا إشكال، وإن أراد أنه يستفاد من هذا جواز لعن المعين في القنوت أبدًا، فهذا فيه نظر لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهي عن ذلك. * الحادية عشرة: قصته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما أنزل: * الثانية عشرة: جده ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الأمر، بحيث فعل ما نسب بسببه إلى الجنون، أي: اجتهاده ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الأمر، بحيث قالوا: إن محمدًا جن، كيف يجمعنا وينادينًا هذا النداء؟ وقوله: "وكذلك لو يفعله مسلم الآن"، أي: لو أن إنسانًا جمع الناس، ثم قام يحذرهم كتحذير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقالوا: مجنون، إلا إذا كان معتادًا عند الناس، قال تعالى: * * * الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: "لا أغني عنك من الله شيئًا"، حتى قال: * الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: وغير ذلك من الشرك، وإذا أنكر عليهم ذلك ردوا على المنكر بأنه لا يعرف حق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومقامه عند الله،وأنه سيد الكون، وما خلقت الجن والإنس إلا من أجله، وأنه خلق من نور العرش، ويلبسون بذلك على العامة، فيصدقهم البعض لجهلهم، ولو جاءهم من يدعوهم إلى التوحيد لم يستجيبوا له، لأن سيدهم وعالمهم على خلاف التوحيد، ولهذا نعى الله - سبحانه - على الكفار الذين اتبعوا ما ألفوا عليه آباءهم بأنهم لا يعقلون، وكلام المؤلف حق، فإن من تأمل ما عليه الناس اليوم في كثير من البلدان الإسلامية تبين له ترك التوحيد وغربة الدين. * * *
|